لم تتركني وزارة التعليم، أهنأ بقرارها الصائب والحكيم والموفق، الذي أوردته صحيفة عكاظ الاثنين 27 ذو الحجة 1441هـ، بإعلانها انطلاقة الدراسة في العام الدراسي الجديد عن بُعد لمدة 7 أسابيع من الفترة الأولى، على أن يتم تقييم الوضع من ثمّ اتخاذ القرار المنسجم مع التقدير المستصحب للمستجدات الصحية، والحالة المنظورة لواقع كورونا المستجد في وطننا.
رافق هذا الخبر خبر آخر أوضحت فيه الوزارة بصريح العبارة أن لا علاقة لها بتحديد رسوم الدراسة في المدارس الخاصة، وليست صاحبة سلطة بأي صورة من الصور في هذا الشأن، وأن هذا الأمر معلّق على صيغة التراضي بين إدارات المدارس وأولياء الأمور وفق العقود المبرمة بينهما..
وقبل الخوض في هذه القضية؛ أجد مهماً التأكيد على أن قرار الوزارة في ما يتصل بالدراسة عن بعد جاء متسقاً مع توجّه بلادنا وقيادتها الرشيدة في اتخاذ كافة التدابير والاحتياطات من أجل تأمين أقصى درجات الأمن والسلامة لقطاعات المواطنين المختلفة، ومن بينهم أبناؤنا وبناتنا في مدارسهم، وهو قرار أعدت له الوزارة عدتها بتوفير كافة الإمكانات اللازمة من أجل نجاح العملية التعليمية، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وبعد متابعة دقيقة للتجارب الدولية في العودة للدراسة حضورياً وحجم الإصابات المسجلة جراء فايروس كورونا المستجد.
إنه قرار صائب خاصة وأن هذا الفايروس ما زال نشطاً يمارس سطوته وفشوّه في العالم، ويتطلب الخلاص منه جهداً مستمراً، واحترازاً واجباً، وهو عين ما تقوم به دولتنا الفتية، وقيادتها البصيرة الحكيمة..
غير أن تصريح الوزارة الوارد في نفس الجريدة، والمتصل برسوم المدارس الخاصة في التعليم الأهلي جاء مخيباً للآمال، باعثاً على الحيرة والتساؤل المُلح: كيف بوزارة مسؤولة عن العملية التعليمية ومنظومتها المتعددة أن لا تكون مسؤولة على جهة تتبع لها بحكم الاختصاص، ولا يكون لها عليها أي نوع من الرقابة والتحديد، بخاصة في ما يتصل بالأمور المالية، غير غافلين أن الوزارة وهي الجهة المسؤولة عن إصدار التصاريح لهذه المدارس الخاصة، والمشرفة على خططها، والطاوية نشاطها تحت ظلها الإداري والتنظيمي والمرجعي في فرض المناهج وطريقة تدريسها. حتى تلك المدارس والتي تدرس المناهج البريطانية والأمريكية هي قطعاً تقع تحت سلطة وإشراف الوزارة ومتابعتها وهي تلزمها بتدريس المنهج الدراسي المعتمد لكافة مدارس الوزارة في التعليم العام وفق خططها ومعطيات الواقع المحلي الوطني.
إضافة إلى أن مرحلة الثانوية العامة في المدارس الخاصة تخضع لنظام وزارة التعليم ويؤدي طلبتها نفس الامتحان النهائي لطلبة المدارس الحكومية ويمنحون نفس فرص التقديم والقبول في الجامعات السعودية. كما أن التصاريح الرسمية لابد أن تصدر من خلال وزارة التعليم وتحت إشرافها، فكيف لا تكون هناك علاقة مباشرة بين هذه المدارس الخاصة ووزارة التعليم وإلى من يلجأ أولياء الأمور المتضررون؟ وهل تستطيع وزارة التجارة مثلاً أن تقول للمتضرر جراء سلعة مغشوشة أو مبالغ في ثمنها أن لا علاقة لي بالسوق وما يجري فيه وإنما هي علاقة بين البائع والمشتري. وهل وزارة الصحة لا تستطيع رفع الضرر عمّن أصيب في المستشفيات الخاصة والمستوصفات نتيجة خطأ طبي أو علاجي. وتقول للمتضرر ليس هذا من اختصاصي إنما هي علاقة تعاقدية خاصة بين الطبيب والمريض.
في العام الفارط دفع أولياء الأمور رسوم الدراسة كاملة إلى هذه المدارس وتم وقف الدراسة تماماً لأزمة كورونا وتعطلت الدراسة ولم ترد هذه المدارس بقية الرسوم المدفوعة إلى أولياء الأمور كما يقول العقل والمنطق.
وفي هذا العام الدراسي طالبت المدارس أولياء الأمور بدفع الرسوم المقررة كما هي رغم أن الدراسة لن تكون في هذه المدارس؛ بل عن بُعد مما يوفر الكثير من مستهلكات العملية التعليمية من أزياء، ومواصلات، ومصاريف الكهرباء والمياه والتلفون والتغذية والنظافة والمتابعة وبقية الاستهلاكات الأخرى، ومن غير المستبعد أن تكون هذه المدارس قد اقتطعت نسبة من رواتب العاملين فيها بحجة أن الدراسة عن بُعد.. فكان من المهم أن يؤخذ في الاعتبار، فضلاً عن التأثير الاقتصادي الذي أحدثته هذه الجائحة، ونقص المدخول الشهري للعديد من الأسر، بما يجعل من الإيفاء بعقود الدراسة على ما كانت عليه أمراً شاقاً وعسيراً، وإن لم تتفطن هذه المؤسسات التعليمية لذلك وفضلت مصلحتها أولاً، فما أحرى بالوزارة أن تشير إلى ذلك وتتدخل بتحديد سقف مناسب يتواءم مع المتغيرات الطارئة، وينسجم مع الواقع المعيش، أشير لما شهدته منطقة تبوك من مبادرة أكثر من 186 مدرسة أهلية وعالمية ورياض أطفال إلى تخفيض رسومها بما نسبته 50% تقديراً للظرف المعيش..
هذا هو المأمول والمنتظر في كل المناطق، إما بروح المبادرة من أصحاب وملاك المدارس الخاصة، أو بالتدخل المباشر من قبل الوزارة بحكم كونها جهة اختصاص ومحط مسؤولية.. ولهذا أرى أنه لابد من تدخل وزارة التعليم في إرغام المدارس الخاصة مراعاة ظروف كورونا وعدم الاشتطاط في السعر، ومنح أولياء الأمور حسومات مادية تتناسب والوضع الحالي الذي يعيشه الجميع.
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com
رافق هذا الخبر خبر آخر أوضحت فيه الوزارة بصريح العبارة أن لا علاقة لها بتحديد رسوم الدراسة في المدارس الخاصة، وليست صاحبة سلطة بأي صورة من الصور في هذا الشأن، وأن هذا الأمر معلّق على صيغة التراضي بين إدارات المدارس وأولياء الأمور وفق العقود المبرمة بينهما..
وقبل الخوض في هذه القضية؛ أجد مهماً التأكيد على أن قرار الوزارة في ما يتصل بالدراسة عن بعد جاء متسقاً مع توجّه بلادنا وقيادتها الرشيدة في اتخاذ كافة التدابير والاحتياطات من أجل تأمين أقصى درجات الأمن والسلامة لقطاعات المواطنين المختلفة، ومن بينهم أبناؤنا وبناتنا في مدارسهم، وهو قرار أعدت له الوزارة عدتها بتوفير كافة الإمكانات اللازمة من أجل نجاح العملية التعليمية، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وبعد متابعة دقيقة للتجارب الدولية في العودة للدراسة حضورياً وحجم الإصابات المسجلة جراء فايروس كورونا المستجد.
إنه قرار صائب خاصة وأن هذا الفايروس ما زال نشطاً يمارس سطوته وفشوّه في العالم، ويتطلب الخلاص منه جهداً مستمراً، واحترازاً واجباً، وهو عين ما تقوم به دولتنا الفتية، وقيادتها البصيرة الحكيمة..
غير أن تصريح الوزارة الوارد في نفس الجريدة، والمتصل برسوم المدارس الخاصة في التعليم الأهلي جاء مخيباً للآمال، باعثاً على الحيرة والتساؤل المُلح: كيف بوزارة مسؤولة عن العملية التعليمية ومنظومتها المتعددة أن لا تكون مسؤولة على جهة تتبع لها بحكم الاختصاص، ولا يكون لها عليها أي نوع من الرقابة والتحديد، بخاصة في ما يتصل بالأمور المالية، غير غافلين أن الوزارة وهي الجهة المسؤولة عن إصدار التصاريح لهذه المدارس الخاصة، والمشرفة على خططها، والطاوية نشاطها تحت ظلها الإداري والتنظيمي والمرجعي في فرض المناهج وطريقة تدريسها. حتى تلك المدارس والتي تدرس المناهج البريطانية والأمريكية هي قطعاً تقع تحت سلطة وإشراف الوزارة ومتابعتها وهي تلزمها بتدريس المنهج الدراسي المعتمد لكافة مدارس الوزارة في التعليم العام وفق خططها ومعطيات الواقع المحلي الوطني.
إضافة إلى أن مرحلة الثانوية العامة في المدارس الخاصة تخضع لنظام وزارة التعليم ويؤدي طلبتها نفس الامتحان النهائي لطلبة المدارس الحكومية ويمنحون نفس فرص التقديم والقبول في الجامعات السعودية. كما أن التصاريح الرسمية لابد أن تصدر من خلال وزارة التعليم وتحت إشرافها، فكيف لا تكون هناك علاقة مباشرة بين هذه المدارس الخاصة ووزارة التعليم وإلى من يلجأ أولياء الأمور المتضررون؟ وهل تستطيع وزارة التجارة مثلاً أن تقول للمتضرر جراء سلعة مغشوشة أو مبالغ في ثمنها أن لا علاقة لي بالسوق وما يجري فيه وإنما هي علاقة بين البائع والمشتري. وهل وزارة الصحة لا تستطيع رفع الضرر عمّن أصيب في المستشفيات الخاصة والمستوصفات نتيجة خطأ طبي أو علاجي. وتقول للمتضرر ليس هذا من اختصاصي إنما هي علاقة تعاقدية خاصة بين الطبيب والمريض.
في العام الفارط دفع أولياء الأمور رسوم الدراسة كاملة إلى هذه المدارس وتم وقف الدراسة تماماً لأزمة كورونا وتعطلت الدراسة ولم ترد هذه المدارس بقية الرسوم المدفوعة إلى أولياء الأمور كما يقول العقل والمنطق.
وفي هذا العام الدراسي طالبت المدارس أولياء الأمور بدفع الرسوم المقررة كما هي رغم أن الدراسة لن تكون في هذه المدارس؛ بل عن بُعد مما يوفر الكثير من مستهلكات العملية التعليمية من أزياء، ومواصلات، ومصاريف الكهرباء والمياه والتلفون والتغذية والنظافة والمتابعة وبقية الاستهلاكات الأخرى، ومن غير المستبعد أن تكون هذه المدارس قد اقتطعت نسبة من رواتب العاملين فيها بحجة أن الدراسة عن بُعد.. فكان من المهم أن يؤخذ في الاعتبار، فضلاً عن التأثير الاقتصادي الذي أحدثته هذه الجائحة، ونقص المدخول الشهري للعديد من الأسر، بما يجعل من الإيفاء بعقود الدراسة على ما كانت عليه أمراً شاقاً وعسيراً، وإن لم تتفطن هذه المؤسسات التعليمية لذلك وفضلت مصلحتها أولاً، فما أحرى بالوزارة أن تشير إلى ذلك وتتدخل بتحديد سقف مناسب يتواءم مع المتغيرات الطارئة، وينسجم مع الواقع المعيش، أشير لما شهدته منطقة تبوك من مبادرة أكثر من 186 مدرسة أهلية وعالمية ورياض أطفال إلى تخفيض رسومها بما نسبته 50% تقديراً للظرف المعيش..
هذا هو المأمول والمنتظر في كل المناطق، إما بروح المبادرة من أصحاب وملاك المدارس الخاصة، أو بالتدخل المباشر من قبل الوزارة بحكم كونها جهة اختصاص ومحط مسؤولية.. ولهذا أرى أنه لابد من تدخل وزارة التعليم في إرغام المدارس الخاصة مراعاة ظروف كورونا وعدم الاشتطاط في السعر، ومنح أولياء الأمور حسومات مادية تتناسب والوضع الحالي الذي يعيشه الجميع.
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com